زَاهِدًا فِيمَا سَيَأتِي، نَاسِيًا ما قَدْ مَضَي

Writer: Jana Amin

Photographer: Rwan Fadlallah



أَعِيشُ زَاهِدًا فِيمَا سَيَأتِي مُدْعْيَّا أنِّي نَاسِي لمَا قَدْ مَضَى… وَ لَکِنَّهُ لَيْسَ إِلَا إِدِعَاء، فَلَيْسَ المَاضِي بِهَيٌِن لِيُنْسَى وَ بِالفِعْلِ أَزْهُدُ فِيمَا تَبَقَى مِنِي، فواللّٰه مَا يَئِسْتُ إِنَمَا مَا عُدْتُ أَمْتَلِكُ شَيئًا لأخْسَر، وَ مَا طَاقَةً لأُحَارِبَ، فَإِكْتَفَيْتُ…

وَ هَا أَنَا أَعِيشُ مَا تَبَقَى لِي مِنْ أَيَامي مُصطَحِبًا للشِّعْرُ، فَمَا كَان مُجَرَّدَ سُطُورًا وَ كَلَامًا مَنْثُورًا، إِنَّمَا كَانَ مَزِيجٕ مِنْ مَشَاعِرٍ حُرِمْتُ مِنْهَا مَعْ كُلِّ حَبِيبٍ مُغَادِرٍ وَ كُلِّ صَدِيقٍ مُهَاجِرٍ، فَمَنَحْتُ القَارِئَ مَا قَدْ حُرِمَ مِنْهُ الكَاتِبُ نَفْسُهُ…

كَتَبْتُ بِرِفْقٍ كُلَّ مَا قَدْ يُؤْلِمُنِي، كْتُبُتُ عَنِ الأَمَلِ وَ التَّفَاؤلِ، عَنْ الحَيَاةِ وَ البَهْجَةِ وَ كَأنَ المَوْتَ لَمْ بِتَوَغُّلِ بِكُلِّ عُرُوقِي قَطْ! وَ قَد زَرَعْتُ بِرُوحِ القَارِئِ الأمَلًِ وَ كَأنَ زَهْرَةَ شَبَابِي لَمْ تَذْبُل مِنْ شِدَةِ اليَأَسِ…

عَزِيزِي القَارِئْ، كِلَانَا حَزِينٌ لَكِنَ الفَرْقُ انَكَ مَحْظُوظٌ فوَجَدَتَ بِحُرُوفِ كِتَابَاتِي القَدِيمَةِ المُدَعِيَةِ بالحَيَاةِ مَا هَوَّنَ عَلِيْك مَرَارَ أَيَامِك، إِنَمَا الكَاتِبُ لَيْسَ لَهُ أَحَدْ… كَتَبْتُ كُلَّ مَا أَرَدْتُ أَنْ أسْمَعَهُ وَ يَقُولَهُ لِي أَحَدَهُمْ، وَ لَكِنِي أَتَسَائَلْ ؛ أَيْنَ هُوَ أَحَدُهُم؟ وَ مَنْ هُوَ أَحَدُهُم هَذَا؟ وَ لَكِنْ لَا يُجِيبُ أَحَدُهُم
فَلَا يُوجَدْ أَحَدٌ…

أنَا فَقَطْ أُنَافِقُ نَفْسِي وَ أَدَعِي أَنَنِّي لَازِلْتُ عَلَى قَيْدِ الحَيَاةِ، فَقَلْبِي لَازَالَ يَنْبُضُ بِالفِعْلِ وَ لَكِنَ رُوحِي دُفِنَتْ مُنْذُ عَهْدٍ، وَ لِنَدَعْنَا مِنْ كُلِّ هَذَا،
قُلْ لِي! هَلْ أَنْتَ الشَّخْصُ ذَاتُهُ الذِي يَخْرُجُ مِنْ مَنْبَعِ رُوحِك…؟!