مراجعة مسلسل (Anne with an e)

Writer: Menatullah Ahmed

Editor: Duha Mohamed


هو أحد المسلسلات الكلاسيكية المبنية على سلسلة من ثمان روايات والتي نُشرت عام 1908 إلى عام 1939 للكاتبة الكندية Lucy .Maud Montgomery

أحدثت تلك السلسلة نجاحًا ساحقًا فور صدورها إلى جانب ما أحدثته من رواج حول العالم، حيث تُرجمت إلى أكثر من عشرين لغة و بيعت مايفوق الخمسين مليون نسخة منها، و تم تقديمها عشرات المرات فى كثير من الأعمال التلفزيونية و المسرحية و الموسيقية المستمرة إلى يومنا هذا.

تدور أحداث المسلسل فى أواخر تسعينيات القرن التاسع عشر حول فتاة صهباء اتخذت خيالها الواسع كمنقذ من وطأة الحياة التى ظلت تُقاسي ويلاتها من يوم وفاة والديها وهى رضيعة، وذهابها للملجأ و منازل الغرباء للعمل فيها و قضاء طفولة معنفة ومشتتة و مأساوية،
إلى أن حالفها الحظ للمرة الأولى عند إرسالها عن طريق الخطأ للعيش مع أخ و أخت مسنيّن (ماريلا و ماثيو كاثبيرت) و التى ستُحدث تغيرًا جذريًا غير متوقع فى حياتهم، بل و حياة قريتهم الصغيرة كلها، بفضل ذكائها الخصب و روحها الصافية.

ستعيش مع أحداث السلسلة لحظة بلحظة لإتقان الممثلين الجبار لتقمص أدوارهم. ستفيض مشاعرك مع سياق الأحداث رغمًا عنك، فتنهمر دموعك على وجنتيك تارةً، وتأخذ الابتسامة مجراها على ثغرك فرحًا تارةً أخرى.

ستتسارع دقات قلبك مع تشويق مغامراتها. ستترك كل شخصية موجودة أثرها اللطيف فى قلبك. ستعاني مع (آن) السخرية الدائمة على مظهرها وشعرها الأحمر النارى و أثر تلك الكلمات القاسية النفسى لها. ستتمعن بفرح رحلتها المُجهدة من الانطوائية إلى الأكثر حبًا وشعبية بين زملائها الذين تقوى صداقتهم مع مرور الوقت ضاربين أروع الامثلة للصداقة المتينة خاصة لصديقتها المقربة(دايانا). ستلاحظ المشاعر المتوراية لإحدى الفتيان الذين ستلقاهم لها :(جيلبرت) ذو الشخصية الحالمة الصلبة الذى ستطَّلع على حكايته هو الآخر فور مباشرتك بالمشاهدة. ستندهش بقوة استخدام (آن) للكلمات ووصفها المدهش لما حولها، أفعالها البطولية، نهمها بالقراءة و ثغرها الذى لا يتوقف عن الثرثرة رغبةً فى ملئ دلو معرفتها، وستسعد معها لحصولها على دفئ العائلة التى لم تحظى أو تنعم بقليل منه يومًا. ستشعر بهذا المزيج من المشاعر مثلما حدث معى بالضبط.

تعكس مغامرات آن فرصةً لطرح بعض القضايا بالغة الأهمية التى ما زال العالم يعانى أضرارها إلى اليوم، و أهمها التفرقة العنصرية لذوى البشرة السوداء و عدم الترحيب بهم فى أي مكان و إستمرار معاملتهم كالعبيد بالرغم من صدور القرار الذى يُحرِّم ذلك عام 1865، قضايا النسوية التي تمنع تهمش المرأة الكامل آنذاك فى الحياة و السيادة التامة على ما لها من حقوق فطرية فى إبداء الرأى فى شتى السبل، و الإلتحاق بالتعليم واعتبارها شخصية ثانوية لا محورية فى بناء المجتمع و اقتصار دورها فيه كأداة للزواج و إنجاب الأطفال فقط وقتها، عدم تقبل الآخر فى الاختلاف اللون، العرق، الجنس، الاهتمامات، الرأي و المظهر الخارجى و الحكم على الكتاب دوماً من غلافه فقط لا جوهره. معاملة اليتيم آنذاك بطريقة سطحية واعتباره كلقيط يعمل مقابل لقمته و مكان إقامته بدلاً من توظيفه كأى شخص عادى لكسب قوت يومه.

نجد أيضاً تسليط الضوء على الظلم و التعنت فى معاملة الهنود الحمر (السكان الأصليون البدائيون لأمريكا) آنذاك و معاملتهم بمنتهى اللاآدمية و إرسال أطفالهم -بالإجبار- إلى مدراس لمحو ثقافتهم و لغتهم الأم و استخدام الأساليب الوحشية لمن لا يخضع لقوانينهم. ولكن كيف ستقدر آن فى مغامراتها تلك فى نشر الحب وقبول الآخر وأولهم لنفسها؟وماذا سيكون رد فعل البلدية على احتجاجاتها و صراحتها؟ وما نهاية قصة الهنود الحمر المأساوية؟ هل تُرى سيكون باستطاعتهم رد الطعنات الموجهة إليهم؟ وماذا سيحدث لها بشأن(جيلبرت)؟ و كيف ستتغلب على مخاوفها و تتغير حياة الأخوين (ماريلا و ماثيو) بسببها؟

هذا ما ستعرفونه فور مشاهدتكم لهذه السلسة الحائزة على العديد من الجوائز العالمية منها جائزة الشاشة الكندية لأفضل مسلسل درامى إلى جانب ترشيحه إلى 14 جائزة أخرى فى عام2019، و المكونة سلسلتها من ثلاثة مواسم أُصدر أولها فى عام 2017 و آخرها عام 2019 و ما زال هناك جدل حول ما اذا سيكون هناك موسم رابع أم لا.
هو فى رأيي الخاص قصة فريدة من نوعها، معبرة، ملهمة، ومشوقة تطرح الأفكار السلبية و تحاول معالجتها لتبث الإيجابية فى نفس المتلقى.

أنصح بمشاهدتها لأصحاب العقول السامية التى تبحث عن التغيير. تقييمى الخاص للسلسلة 9.5/10. أتمنى لكم مشاهدة ممتعة!!