كوب القهوة الأخير

Writer: Jana Amin

Editor: Duha Mohamed

Graphic designer: Maram Mohammed


‎إذا كنت تقرأ هذه الرسالة الآن، فهذا يعني تلبيتي لقدري. لن أطيل عليك حديثي الأخير بالكاد أقدر على الكتابة و أنا أحتسي قهوتي الأخيرة و تأنيبك لن يشفي من أنيني شئ، أود شكرك فقط على الوقت الذي أضعت. أتعلم ؟ أجهل إن كان المرء يؤجل وقت راحته فقط لتمسكه الغير مبرر بتلك الحياة أم لخشيته من وحدته اللا نهائية تحت التراب ؟ على أي حال إن كان هناك سبب لاستكمال مسيرتي العلاجية فهو أنت، فكيف لي أن اخشى الوحدة إن عشت بمفردي طيلة الدهر ؟ فما الفارق إذًا إن كانت الفردية بالأعلى أم الأسفل ؟ و لم أغرم بحياتي قط لاختارها بدلًا من الراحة، و لكن اغرمت بك أنت. بكل سذاجتي فظننت أنه كلما حقنت نفسي بتلك السوائل زادت فرصتي لألقاك و أخبرك بكل ما مررت، فكل يوم زائد كان ينبت بداخلي الأمل، فلا زال هناك وقت، لازالت هناك فرصة! حتى يوم المطر، كل عقائدي انقلبت رأسا على عقب كما انقلب إهمالك لي عليك… فأدركت أن العقاقير ولا العمليات لم تزدني من شئ، و أدركت لما قد تستكثر المبالاة والاهتمام لأمري، فتعمدت قتلي مرتين! ففي حياتي لم تنظر لي نظرة حب أصدق من تلك التي بالمشفى! جعلتني أشعر و كأنني شحاذة تتوسل منك المشاعر، أيجب أن احتضر حتى تحتضنني ؟ أهكذا يكون الحب ؟ دائمًا في غير مكانه ولا أوانه ؟ نحن البشر نرتكب أبشع الجرائم بحق أنفسنا لأجل من نحب في حين أن الأمر لم يستحق كل هذا العناء فمن أراد استطاع، و كل عفيف لا يقبل بحب غير متبادل، فلسنا بقلة قليلة حتى نُحِب دون أن نُحَب. أتعلم ؟ لم اؤمن قط بالنهايات، فحبنا كان قوي و حقيقي كالشمس لا يخفت ولا يضعُف فظننته لا نهائي.  و لكن تيقنت الآن من انطفاء الشمس بيوم من الأيام و نهايتها المحتومة. خلفت وعدي عندما قلت أني لن أطيل عليك حديثي الأخير، و لكن كلما اختتمت الحديث و جدت نغزة بقلبي لتذكرني كم كنت سئ بروايتي، فيجري القلم كما تجري الدموع كما تجري الدماء بالعروق إلى نهاية الرواية و جفاف الأعين و انقطاع العروق