ما قبل كوب القهوة الأخير

Writer: Jana Amin

Editor: Duha Mohamed

Graphic designer: Maram Mohammed


‎لم أدري بنفسي إلا و أنا بأكثر الأماكن ثقلا على قلبي، لا أتذكر سوى قيلولتي تحت المطر. و لست مِن مَن يمشون و هم نائمون، فمن تجرأ على حملي إلى المشفى؟ يا للوقاحة! ألا يمكن للمرء أن يحتضر في سلام ؟! غضبت لدرجة أن أنفي لم يتحمل، فتتابع الدم منه تماما كما تتابعت كل تلك الأحداث الغير مرضية في نفس ذات العام، تملك الضيق من روحي، فهل يمكن للوضع أن يكون أكثر سوء؟ أرحت رأسي لبعض الوقت على وسادتي فمن كثرة التذمر بات أثقل مما أتحمل، قطع الطبيب كل أحزاني مصطحبًا لفحوصاته المملة التي يقصها عليَّ كل مرة آتي بها المكان، حسنًا علمنا أن أيامي معدودة و أنه لا مفر من الموت و لكن قد يؤجل بالعلاج الذي سيقحم جسدي إلى جحيم العناء فهلا تكف عن هذا الهراء إذا تفضلت ؟! و لم تجرؤ دمعة على النزول من عيني إلا عندما رأيته… متجهًا نهو باب غرفتي، يطرق الباب و يدخل، تصلبت مشاعري فلا نرى البطل يزور البطلة على فراش موتها في مثل هذا التوقيت إلا بالأفلام! لم أعلم ماذا عساي أن أقول خصوصًا بعد نظرة الشفقة التي نظر لي بها، كانت كفيلة أن تقضي على كل ما تبقى مني. فتركنا الطبيب بمفردنا.

‎حاولت أن أهندم ملابسي و الخصلتان المتبقيتين من شعري، ثم نظرت له و قلت؛ موعدنا كان مثل البارحة العام الماضي، وليس اليوم، موعدنا كان أمام النيل، و ليس بالمشفى، على أي حال لن تراني بحال أسوأ من تلك. لاتحبس دموعك دعها تسيل ألم يغمرك الشعور بالشفقة ؟ ماذا جاء بك؟ هل طلب منك طبيبي لعب دور المنقذ و تقنعني بأن أخوض العملية ؟  فأخذ يبكي و كأنني أعني له شيئًا، و قال كلٌّ سيكون على ما يرام. فضحكت بأسى “قل لي أنك لم تصدقه، أنظر لي بعيني و قل لي إنك لا تصدقه. دعني أريك الندبات تلك التي برقبتي و تلك الزرقاء بيدي و أخريات لا اتذكر مكانهم،  أأبدوا لك على ما يرام ؟ لم أطلب منك سوا كوب قهوة على النيل و مع ذلك استكثرته  عليَّ، ولم أطلب من كل تلك الحياة سواك فماذا فعلت إذًا ؟ استكثرتك أنت عليَّ. كم تشبهها حقًا، فكلاكما ظالم. فضمني إليه فأخذ يبكي بخزي و ندم و صدقت دموعه، لست لأنني غبية و لكن لأنني أردت أن أصدقه