شيوخ العمه

IMG-2300.JPGالكاتبة: عهود زوهري

مراهقتي البائسة، الفترة اللي بتتقلب فيها نفوسنا وكل هرمونتنا بتتلخبط، وبنبقى فاكرين إننا إكتمل نضجنا الفكري والجسدي والنفسي ..ولكن الحقيقة إنها أشد المراحل نقصانا في حياتنا.

الفترة اللي كنت بتفنن فيها أحضر دروس لمشايخ في أي حته لمجرد إنه لابس جلباب ومقصره ومطلق لحيته.

 لو شخص واحد بس قالي إنه درس جيد.كان يكفيني تلميح بسيط من أحد الأصدقاء ليثير فضولي وأعرف مكان وزمان الدرس وأطلع أجري عليه.

والنتيجة…

تقريبا كل حاجة كانت حرام .

كل تصرفاتي كانت غريبة ومش مفهومة لدرجة إن في شيخ أقنعني إن كف إيدي عورة ..ونزلت جري أشتري جوانتيات أغطي بيها إيدي وعمري في الفتره دي ما قلعتها بره البيت لدرجة أني كنت باكل بيها .

مما أثار إستفزاز أحد الأقارب وقالي إنتي مدركة كم التلوث والجراثيم اللي بتكليها دلوقتي!

 طبعا جملته قد  ما وجعتني ..بس كان مخي ملغي بما فيه الكفاية أني أعدي الجملة ؛لأن الشيخ قالي هو ده التحدي أنك تعملي اللي يعجز كل اللي حواليكي إنهم يعملوه.

ده بالأضافة إن أغلب المشايخ عندهم قدره إنهم يخاطبوكي إنتي لوحدك فتحسي إنك المعنية الوحيدة بالأمر.

كل خلافات البيت في الفترة دي كان بسبب إن كل حاجة حرام، أي حد يشغل أغاني بتقوم خناقة في البيت، عشان الشيخ اللي قالي إن الأغاني حرام..نسي يقولي إني مش من حقي أتدخل في تصرفات الناس،ويكفي النصح.

المعاناه لما يخرج أهل البيت كلهم ويروحوا سينما،ماما تقولي تعالي معانا، وسيل الردود العنيفة يشتغل.. هتتحرقوا في جهنم .

اللي بتعملوه ده حرام ..

والله ما عارفه أمي استحملتني إزاي! أما سألتني السينما حرام ليه ؟

قلتلها ستات ورجاله قاعدين في مكان ضلمة ..أكيد يعني حرام.

يا ريت ردي ساعتها كان رد منطقي ، أن الأفلام فيها مشاهد عيب مثلا .. لأ ده الرد اللي حفظهوني الشيخ .

 أقصى طموحي في الفترة دي ..كان أني أتجوز وأخلف وأكون زوجة صالحة .

وما أدراك ما مفهوم الزوجة الصالحة اللي حشره المشايخ في دماغي !

يعني أنسى كلمة لأ، يعني حياتي كلها حول زوجي وميكنش ليا حياة شخصية بعيدة عنه..يعني إحتياجاته أولا وثانيا وعاشرا.

لسه فاكرة جملة قالها أحد الشيوخ..الله يحب المرأة الوادّة، يعني جوزك يديكي بالجزمة تديله الجزمة وترجعي تقعدي جنبه تاني.

وإمتلأ المسجد بالضحكات على خفة دم الشيخ..وكنت منهم.

المصيبة الأكبر بقى هي الزهد في الدنيا بشكل مبالغ فيه ..وإختزال كل رغباتنا الدنيوية في كلمة واحدة ( في الجنة ).

نفسي أسافر وأخرج بره حدود مصر …ولما إتقفل الباب ده في وشي قلت: يلا هشوف كل بلاد العالم وأحلى في الجنة .

ولما بشوف قصر عالي وقدامه جنينة واسعة فيها كل أنواع الأشجار والأزهار …بقول قصور الجنة أحلى.

وأما بحس أني كبرت على أني أتعلم لغات جديدة،وأتكلم خمس أو ست لغات بإتقان..برجع أقول مش مهم ..في الجنة هتكلم بكل لغات العالم.

كل مرة أحاول أعمل نظام غذائي وأفشل..ببقى عارفه من جوايا إني في الجنة هكون أحلى من الحور العين .

أنا مش بنكر إن الجنة فيها كل ده …بس الكلمة دي فعليا قتلت فيا الطموح والرغبة في أني أحقق أي نجاح يذكر. في الحقيقة أنا كنت بهرب من أي حاجة فشلت فيها أو معنديش إراده أعملها بكلمة واحده ( في الجنة إن شاء الله ).

مش ندمانة على الفترة دي بشكل كبير …لولاها عمري ما كنت هعرف أقارن بين الفرق في شخصيتي ساعتها ودلوقتي.

فهمت حاجات كتير وطموحي زاد ، فهمت أن في حاجات هي مش غلط في حد ذاتها ولكن النتائج المترتبة عليها هي اللي غلط.

فهم الدين مش محتاج شيوخ يحشروا المعلومات حشر…فهم الدين محتاج عقل شغال وقلب صافي وضمير صاحي وإرشاد بسيط من شخص فاهم وواعي