خارج الصندوق

Writer: Rowaa Elsayed


هل سبقَ و أن شعرت يومًا بالرغبةِ في التمرُّد؟ هل سبقَ وأن تمردت أفكارُك حتى أصبحت منفَرِدة؟ أو تمردت أحاسيسُك وضاقت بها غرفُ قلبِكَ كلها فوجدتُ ذاتك تبوح بها للجميع مُرغمًا؟ هل سبقَ و أن شعرت يومًا بأنك محاصرٌ من كل صوب..محاصرٌ بأحلامٍ ضائعة..و آمالٍ مُحطمة؟ أو هل سبقَ وشعرت يومًا بأن عدوك الأساسي يختبئُ وراء سقفِ أحلامك الوهميّ ذاك؟

هل سَنحت لك الفُرصة يومًا وأخذت تُحطّم تماثيلَ خوفِك؟ و هل جرّبت يومًا الخروجَ عن السيطرة؟ هل أعطتك الحياةُ حُريّة الخروج خارج ذاك الصندوقِ إذًا؟ صندوقِ ذكرياتِك الأسود..أو ربّما صندوقِ توقعاتِك المُخيّبة لآمالِك.

نعم، تختلِفُ صناديقُنا..و تتعددُ مخاوفُنا..ولكن يبقى لدينا جميعًا ذاك الصندوقِ الذي حوصِرنا داخله فأصبحَ الخروجُ عنه يُعدُّ جريمة..جميعُنا لديه ذاك الصندوق الذي يخشى حتى الإبصارَ خارِجَه..و لكن ألا يستحِقُّ الأمر منّا تجرُبة؟ تجرُبة تحريرِ أفكارِنا المجنونة من صندوقِ الاعتياد الذي حبَسنا أنفُسَنا داخِلَه طوالَ سنين دونَ قصْد؟ فهل يجوزُ المُضِيّ قُدُمًا بأفكارٍ قدْ باتت سجينة داخل صناديقٍ لم نملِكُ يومًا مفاتيحُها؟ أو لعلّنا لم نملِكُ شجاعة َتحريرِها والخروج من تلك الصناديق أبدًا!
تلك الصناديقُ التي قد فرَضَت سطْوها علينا منذُ زمن..وتظاهرنا نحنُ بعدمِ وجودِها حتى تستمِرَ الحياة..حياةٌ ٌتتحكم بها بِضعةُ صناديق..صناديقُ الخوفِ خاصتُنا!

ولكن قدْ حانت لحظةُ الانطِلاق..لحظة تكسيرِ القُيود..لحظةُ المواجَهة..ورُبما يُطلِقُ عليها البعض لحظةَ التمرُّد..أيًّا كان اسمُها..فهي لحظةُ الانتصارِ لا رَيب..انتصارٌ على كل تلكَ الصناديق التي كانت يومًا مانعًا أمام تلكَ اللحْظة.

فالحياةُ هي أن تُجرّبَ شيئًا جديدًا..أن تعِش مغامرةً مُختلفة..أن توثّق لحظةً مُميزة..الحياةُ هي أن تُحاول الطيران بِلا أجنِحَة..و أن ترقُصَ على كاحلٍ مكسور..ولعلّ الحياةُ هي القفزُ من أعلى الهاوية و أنتَ مؤمنٌ بأن هناكَ يدٌ ستنقِذُكَ..الحياةُ هي أن تتشبث بشيءٍ و كلك يقينٌ أنك مفارِقُه يومًا ما..حياتنا تلك ما هي إلا مُخاطرة، مُجازفة..وربما تحدّي..هي فرصةٌ لا تُعوض..ولحظةٌ لن تُكرر..وذِكرى لا تُنسى..فاغتَنِم منها ما يحيا به قلبُك للأبد!

قد تكون الحياة صندوقًا تُحبس فيه..وقد تكون سماءً واسِعة تتيح لك فرصة التحليق..أنت وحدك من تقرر أيهما ستكون..وتذكر دائمًا..إن كانت صندوقًا فأنت تملك مفتاحه..وإن كانت سماءً فأنت أيضًا تملك جناحين..